فصل: الأحكام المتعلّقة بالذّوق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


ذمّة

التّعريف

1 - الذّمّة في اللّغة تفسّر بالعهد وبالأمان كتسمية المعاهد بالذّمّيّ، وفسّر قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «ذمّة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم» بالأمان، والذّمّة أيضاً الضّمان، فإذا قلت في ذمّتي كذا يكون المعنى في ضماني، وتجمع على ذممٍ، كسدرةٍ وسدرٍ‏.‏

وأمّا الذّمّة في الشّرع فمختلف فيها كما ذكر صاحب الكلّيّات، فمنهم من جعلها وصفاً، وعرّفها‏:‏ بأنّها وصف يصير الشّخص به أهلاً للإيجاب له وعليه، وظاهر كلام أبي زيدٍ في التّقويم يشير إلى أنّ المراد بالذّمّة العقل، ومنهم من جعلها ذاتاً، وهو اختيار فخر الإسلام عليه الرّحمة، ولهذا عرّفها بأنّها نفس لها عهد، فإنّ الإنسان يولد وله ذمّة صالحة للوجوب له وعليه بإجماع الفقهاء حتّى يثبت له ملك الرّقبة وملك النّكاح، ويلزمه عشر أرضه وخراجها بالإجماع وغير ذلك من الأحكام‏.‏

وقد استعملها الفقهاء بمعنى العهد، واستعملها بعض الأصوليّين بمعنى أهليّة الوجوب، وجاء في المغرب أنّ الذّمّة تطلق على محلّ الالتزام كقولهم‏:‏ ثبت في ذمّتي، وبعض الفقهاء يقول هي محلّ الضّمان والوجوب، وبعضهم يقول هي معنًى يصير بسببه الآدميّ على الخصوص أهلاً لوجوب الحقوق له وعليه‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الالتزام‏:‏

2 - أصل الالتزام اللّزوم، ومعنى اللّزوم في اللّغة الثّبوت والدّوام، يقال لزم الشّيء يلزم لزوماً أي ثبت ودام، ولزمه المال وجب عليه، ولزمه‏:‏ وجب حكمه، وألزمته المال والعمل فالتزمه، والالتزام أيضاً الاعتناق‏.‏

والالتزام أيضاً‏:‏ إلزام الشّخص نفسه ما لم يكن لازماً له، أي ما لم يكن واجباً عليه قبل، وهو بهذا المعنى شامل للبيع والإجارة والنّكاح وسائر العقود‏.‏

وهذا المعنى اللّغويّ جرت عليه استعمالات الفقهاء حيث تدلّ تعبيراتهم على أنّ الالتزام عامّ في التّصرّفات الاختياريّة، وهي تشمل جميع العقود سواء في ذلك المعاوضات والتّبرّعات، وهو ما اعتبره الحطّاب استعمالاً لغويّاً‏.‏

قال الحطّاب‏:‏ والالتزام في عرف الفقهاء هو إلزام الشّخص نفسه شيئًا من المعروف مطلقاً أو معلّقاً على شيءٍ، فهو بمعنى العطيّة، فدخل في ذلك الصّدقة والهبة والحبس ‏"‏ الوقف ‏"‏ والعاريّة، والعمرى، والعريّة، والمنحة، والإرفاق والإخدام، والإسكان، والنّذر، قال الحطّاب في كتابه تحرير الكلام‏:‏ وقد يطلق في العرف على ما هو أخصّ من ذلك، وهو التزام المعروف بلفظ الالتزام‏.‏ والذّمّة أعمّ من الالتزام‏.‏

ب - الأهليّة‏:‏

3 - الأهليّة هي مصدر صناعيّ لكلمة أهلٍ، ومعناها لغةً كما في أصول البزدويّ‏:‏ الصّلاحيّة ويتّضح تعريف الأهليّة في الاصطلاح من خلال تعريف نوعيها‏:‏ أهليّة الوجوب وأهليّة الأداء، فأهليّة الوجوب هي صلاحيّة الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه، وأهليّة الأداء هي صلاحيّة الإنسان لصدور الفعل منه على وجهٍ يعتدّ به شرعاً‏.‏

والعلاقة بين الذّمّة والأهليّة أنّ الأهليّة أثر لوجود الذّمّة‏.‏

وبيان ذلك‏:‏ أنّ أهليّة الوجوب في الإنسان ذات عنصرين‏:‏

أحدهما‏:‏ قابليّته لثبوت الحقوق له أي صلاحيّته للإلزام‏.‏

الثّاني‏:‏ قابليّته لثبوت الحقوق عليه أي صلاحيّته للالتزام‏.‏ فالعنصر الأوّل يثبت للشّخص منذ كونه جنيناً في بطن أمّه بإجماع الفقهاء ولا يستدعي وجوب ذمّةٍ مقدّرةٍ في شخصه، لأنّ الحقّ له لا عليه‏.‏

وأمّا ناحية الالتزام أي ناحية ثبوت الحقّ عليه وهو العنصر الثّاني من أهليّة الوجوب فتتوقّف على أمرين‏:‏

أحدهما‏:‏قابليّة التّحمّل بأن يكون صالحًا لوجوب الحقوق عليه وهذا لا يتحقّق إلاّ بعد الولادة‏.‏ والثّاني‏:‏ الذّمّة بمعنى أن يكون في ذلك الشّخص محلّ مقدّر لاستقرار تلك الحقوق فيه بحيث تشغله تلك الحقوق حال ثبوتها ويفرغ منها حال سقوطها‏.‏

وهذان الأمران اللّذان يتوقّف عليهما تصوّر الالتزام هما متلازمان في الوجود متغايران في المفهوم، فإنّه يلزم من كون الشّخص أهلاً لتحمّل الحقوق أن يكون في شخصه مستقرّ ومستودع لها وبالعكس، فمتى اعتبرت للشّخص أهليّة التّحمّل شرعاً اعتبرت له ذمّة، ولكن ليست تلك الأهليّة هي الذّمّة نفسها،بل بينهما من الفرق ما بين معنى القابليّة ومعنى المحلّ‏.‏ ذكر القرافيّ في الفروق في العلاقة بين الذّمّة وأهليّة المعاملة أنّ النّسبة بينهما العموم والخصوص الوجهيّ، فهما يجتمعان في الحرّ البالغ الكامل الأهليّة فيقال‏:‏ هو ذو ذمّةٍ وذو أهليّةٍ، وتنفرد الذّمّة في العبد فهو ذو ذمّةٍ ولا أهليّة له، وتنفرد الأهليّة في الصّبيّ المميّز فيقال هو ذو أهليّةٍ ولا ذمّة مستقلّةً له‏.‏

ج - العهد‏:‏

4 - العهد نوع من أنواع الالتزام ومعناه في اللّغة الوصيّة، يقال عهد إليه يعهد إذا أوصاه، والعهد‏:‏ الأمان والموثق والذّمّة، والعهد كلّ ما عوهد اللّه عليه، وكلّ ما بين العباد من المواثيق فهو عهد، والعهد‏:‏ اليمين يحلف بها الرّجل‏.‏

والعهد لا يكون إلاّ من ذي ذمّةٍ ولذا سمّي العهد ذمّةً‏.‏

خصائص الذّمّة

5 - تختصّ الذّمّة بأمورٍ‏:‏

الأوّل‏:‏ الذّمّة من صفات الشّخصيّة الإنسانيّة المستقلّة، وهي الشّخصيّة الحقيقيّة أو من صفات الشّخصيّة الحكميّة كبيت المال والوقف‏.‏

الثّاني‏:‏ الذّمّة من توابع الشّخصيّة، فهي تلازم العنصر الثّاني من عنصري أهليّة الوجوب، وهو عنصر الالتزام، وهذه الأهليّة مناطها الصّفة الإنسانيّة، فتلازم الإنسان منذ وجوده حتّى لو كان حملاً في بطن أمّه، فلا يتصوّر وجود إنسانٍ بلا ذمّةٍ حتّى لو كانت تلك الذّمّة فارغةً أي خاليةً من الالتزام‏.‏

الثّالث‏:‏ لكلّ شخصٍ ذمّة واحدة، وتلك الذّمّة لا تتعدّد في الشّخص الواحد ولا يجوز الاشتراك فيها‏.‏

الرّابع‏:‏ الذّمّة لا حدّ لسعتها فهي تتّسع لكلّ الدّيون مهما عظمت، لأنّ الذّمّة ظرف اعتباريّ يتّسع لكلّ الالتزامات‏.‏

الخامس‏:‏ الذّمّة تتعلّق بالشّخص لا بأمواله وثروته ليتمكّن من ممارسة أعماله الماليّة بحرّيّةٍ مطلقةٍ تمكّنه من سداد ديونه، فله التّجارة والبيع ولو كان مديناً بأكثر ممّا يملك، وله وفاء أي دين متقدّم أو متأخّر في الثّبوت، ولا يحقّ للدّائنين الاعتراض عليه ما لم يمنع من ذلك مانع شرعيّ كالرّهن أو الحجر أو التّفليس‏.‏

السّادس‏:‏ الذّمّة ضمان لكلّ الحقوق بلا ترجيحٍ ولا يقتضي ذلك منع المدين من التّصرّف بأمواله، وذلك لأنّ الذّمّة لا حدّ لسعتها إذ هي شرعًا مستقلّة عمّا يملك صاحبها فتتساوى فيها الدّيون في الأصل ولا يكون سبق بعضها في الثّبوت سبباً لترجيحه، وما يثبت في ذمّة الإنسان من حقوقٍ عليه لا يتقيّد وفاؤها بنوعٍ خاصٍّ من ماله أو بجزءٍ معيّنٍ منه، فالدّيون متى استقرّت في الذّمّة بسببٍ صحيحٍ تساوت في احترامها وانتفى التّرجيح، وإلاّ لتعذّر التّعامل إذ لا يستطيع أحد أن يعرف ما على من يريد معاملته من ديونٍ سابقةٍ ليكون على بصيرةٍ من رتبة دينه‏.‏

انتهاء الذّمّة

6 - الذّمّة تبدأ مع الشّخص منذ الحمل به وتبقى معه طيلة حياته، فإذا مات ذلك الشّخص فإنّ تلك الذّمّة تنتهي إذ لا بقاء لها بعد الموت، إلاّ أنّ الفقهاء اختلفوا في انتهاء الذّمّة فوراً بمجرّد حصول الموت، أو أنّ الموت يضعفها، أو أنّ الذّمّة تبقى بعد الموت حتّى تستوفى الحقوق من الميّت على ثلاثة آراءٍ‏:‏ -

الرّأي الأوّل‏:‏

7 - وهو رأي الجمهور ‏"‏ المالكيّة والشّافعيّة وبعض الحنابلة ‏"‏ أنّ الذّمّة تبقى بعد الموت حتّى تصفّى الحقوق المتعلّقة بالتّركة فيصحّ للميّت اكتساب حقوقٍ جديدةٍ بعد موته كان سبباً لها، كمن نصب شبكةً للاصطياد فوقع فيها حيوان فإنّه يملكه وتظلّ ذمّة الميّت باقيةً بعد موته حتّى تسدّد ديونه لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «نفس المؤمن معلّقة بدينه حتّى يقضى عنه» ويمكن أن تشغل ذمّة الميّت بعد موته بديونٍ جديدةٍ كشغلها بثمن المبيع الّذي ردّه المشتري على البائع بعد موته بسبب عيبٍ ظهر فيه، وكالتزامه بضمان قيمة ما وقع في حفرةٍ حفرها الشّخص قبل موته في الطّريق العامّ‏.‏

وأمّا الوصيّة للميّت فتجوز عند المالكيّة إن علم الموصي بموته، لأنّ الغرض نفعه بها في قضاء ديونه‏.‏

ولا تجوز الوصيّة للميّت عند الشّافعيّة والحنابلة سواء أعلم الموصي بموته أم لا، لأنّه لا يتصوّر له الملك، فأثر الموت على هذا الرّأي يقتصر على عدم مطالبة الميّت بالحقوق، وإنّما يطالب ورثته بأداء الحقوق لأصحابها‏.‏

الرّأي الثّاني‏:‏

8 - وهو رأي بعض الحنفيّة أنّ الموت لا ينهي الذّمّة بل يضعفها، وعلى هذا الرّأي فإنّ ذمّة الميّت تبقى بقدر الضّرورة لتصفية الحقوق المتعلّقة بالتّركة الّتي لها سبب في حال الحياة، ويتفرّع على ذلك أنّ الميّت يمكن أن يكتسب بعد موته ملكاً جديداً كما لو نصب قبل الموت شبكةً فوقع فيها صيد بعد موته فإنّه يملكه، كما أنّ الميّت يلتزم بالدّيون الّتي تسبّب بها قبل موته كردّ المبيع المعيب عليه، والتزامه بالثّمن، وضمان ما وقع في حفرةٍ حفرها في الطّريق العامّ‏.‏

لكن لا تصحّ كفالة دينٍ على ميّتٍ مفلسٍ عند أبي حنيفة، لأنّ الدّين عبارة عن الفعل، والميّت عاجز عن الفعل، فكانت هذه كفالةً بدينٍ ساقطٍ فلا تصحّ، كما لو كفل إنساناً بدينٍ ولا دين عليه، وإذا مات مليئاً فهو قادر بنائبه، وكذا إذا مات عن كفيلٍ، لأنّه قائم مقامه في قضاء دينه‏.‏

وأمّا عند الصّاحبين فتصحّ كفالة دين الميّت، لأنّ الموت لا ينافي بقاء الدّين، لأنّه مال حكميّ فلا يفتقر بقاؤه إلى القدرة، ولهذا بقي إذا مات مليئاً حتّى تصحّ الكفالة به، وكذا بقيت الكفالة بعد موته مفلساً، وإذا مات عن الكفيل تصحّ الكفالة عنه بالدّين، فكذا يصحّ الإبراء عنه والتّبرّع‏.‏

ومثل الكفالة في هذا الوصيّة، فإنّها لا تصحّ للميّت عند الحنفيّة سواء أعلم الموصي بموته أم لا‏.‏ خلافاً لأبي يوسف فلو أوصى لحيٍّ وميّتٍ صحّت الوصيّة للحيّ دون الميّت، لأنّ الميّت ليس بأهلٍ للوصيّة فلا يزاحم الحيّ الّذي هو من أهلها، لكن ذكر أبو يوسف أنّه إذا لم يعلم بموته فإنّ تلك الوصيّة تصحّ، بخلاف ما لو علم بموته فلا تصحّ، لأنّ الوصيّة للميّت لغو‏.‏

الرّأي الثّالث‏:‏

9 - وهو رأي الحنابلة في روايةٍ أنّ الذّمّة تنتهي بمجرّد الموت، لأنّها من خصائص الشّخص الحيّ، وثمرة الذّمّة صحّة مطالبة صاحبها بتفريغها من الدّين الشّاغل لها، فبالموت يخرج الشّخص عن صلاحيّة المطالبة فتنهدم الذّمّة‏.‏

وعلى هذا إن توفّي الشّخص المدين دون أن يترك مالاً فمصير ديونه السّقوط‏.‏

وإن ترك مالاً تعلّقت الدّيون بماله‏.‏ هذا واتّفق الفقهاء على أنّه لا يجب على الوليّ قضاء ما على الميّت من دينٍ إن لم يترك مالاً لكن يستحبّ‏.‏

مواطن البحث

10 - مسائل الفقه وفروعه والّتي تذكر فيها الذّمّة أكثر من أن تحصى، فهي منثورة في أبواب الفقه وفصوله فليرجع إليها في الأبواب المشار إليها وغيرها‏.‏

وينظر ما يتّصل بأهل الذّمّة في مصطلح‏:‏ ‏(‏أهل الذّمّة‏)‏ وما يتّصل بالذّمّة بمعنى العهد في مصطلح‏:‏ ‏(‏أمان، وحلف، ومعاهدة‏)‏‏.‏

ذهب

التّعريف

1 - الذّهب‏:‏ معدن معروف، والجمع‏:‏ أذهاب، مثل سببٍ وأسبابٍ، ويجمع أيضاً على ذهبانٍ وذهوبٍ، وهو مذكّر، ويؤنّث فيقال‏:‏ هي الذّهب الحمراء، وقد يؤنّث بالهاء فيقال‏:‏ ذهبة‏.‏ وقال الأزهريّ‏:‏ الذّهب مذكّر ولا يجوز تأنيثه إلاّ أن يجعل الذّهب جمعاً لذهبةٍ‏.‏

الأحكام المتعلّقة بالذّهب

التّوضّؤ من آنية الذّهب

2 - اختلف الفقهاء في صحّة التّوضّؤ من إناء الذّهب، فذهب جمهور الفقهاء ‏"‏ الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة في الأصحّ ‏"‏ إلى صحّة الوضوء مع تحريم الفعل لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «لا تشربوا في آنيّة الذّهب والفضّة ولا تأكلوا في صحافهما»، فقيس غير الأكل والشّرب من سائر الاستعمالات عليهما، لأنّ علّة التّحريم وجود عين الذّهب والفضّة، وقد تحقّقت في الاستعمالات الأخرى كالطّهارة فتكون محرّمةً أيضاً‏.‏

وذهب الحنابلة في الوجه الثّاني إلى عدم صحّة الوضوء منهما قياساً على الصّلاة في الدّار المغصوبة‏.‏‏:‏ مصطلح‏:‏ ‏(‏آنية ف / 3‏)‏‏.‏

التّيمّم بالذّهب

3 - اتّفق الفقهاء على عدم جواز التّيمّم بالمعادن المسبوكة، كالذّهب وغيره، أمّا إذا لم يكن مسبوكًا وكان مختلطًا بالتّراب، فذهب الشّافعيّة إلى عدم جواز التّيمّم بهذا الخليط سواء أكان قليلاً أم كثيراً، وذهب الحنابلة إلى أنّه لا يجوز التّيمّم بترابٍ خالطه غيره ممّا لا يصحّ التّيمّم به إن كان له غبار وكانت الغلبة لغير التّراب‏.‏

وذهب الحنفيّة إلى جواز التّيمّم به إذا كانت الغلبة للتّراب‏.‏

ونقل الحطّاب من المالكيّة قول اللّخميّ‏:‏ لا يجوز التّيمّم بما لا يقع به التّواضع للّه تعالى، كالياقوت والزّبرجد ونقد الذّهب والفضّة إلاّ أن يكون الشّخص في معادنه ولم يجد سواه فيتيمّم به‏.‏

اتّخاذ الرّجل لحليّ الذّهب

4 - أجمع الفقهاء على تحريم استعمال حليّ الذّهب على الرّجال لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «أحلّ الذّهب والحرير لإناث أمّتي، وحرّم على ذكورها»‏.‏

وظاهر كلام أحمد تجويز فصّ الخاتم من الذّهب إن كان يسيراً، واختاره بعض الحنفيّة‏.‏

اتّخاذ الذّهب خاتماً

5 - التّختّم بالذّهب حرام على الرّجال بإجماع علماء الإسلام، لما رواه البخاريّ وغيره أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «نهى عن خاتم الذّهب» ومعلوم أنّ الأصل في النّهي التّحريم‏.‏

اتّخاذ الرّجل للذّهب في آلة الحرب

6 - ذهب جمهور الفقهاء إلى منع تحلية آلة الحرب بشيءٍ من الذّهب لعموم الأدلّة القاضية بتحريم استعمال الذّهب للرّجال وممّن ذهب إلى ذلك الحنفيّة والمالكيّة في المعتمد والشّافعيّة‏.‏ وذهب الحنابلة إلى أنّه يجوز للذّكر أن يتّخذ قبيعة سيفه من الذّهب، لأنّ عمر بن الخطّاب كان له سيف فيه سبائك من ذهبٍ، وأيضاً فإنّ عثمان بن حنيفٍ كان في سيفه مسمار من ذهبٍ، ذكرهما أحمد لذا رخّص في ذلك،وإن كان له رواية أخرى بتحريم ذلك مثل الجمهور‏.‏

اتّخاذ السّنّ من الذّهب

7 - يجوز اتّخاذ السّنّ من الذّهب عند الجمهور قياساً على الأنف، لأنّ «عرفجة بن أسعد قطع أنفه يوم وقعة كلابٍ فاتّخذ أنفاً من فضّةٍ فأنتن فأمره النّبيّ صلى الله عليه وسلم باتّخاذ أنفٍ من ذهبٍ‏.‏‏.‏‏.‏» فعلم أنّ كلّ ما دعت إليه الضّرورة يجوز استعماله من الذّهب، وإلى ذلك ذهب المالكيّة والحنابلة‏.‏ وقال الشّافعيّة‏:‏ يجوز وإن أمكن اتّخاذه من فضّةٍ‏.‏

وذهب أبو حنيفة إلى المنع وقال‏:‏ إنّ الأصل في الذّهب تحريمه على الرّجال والإباحة للضّرورة، وقد اندفعت بالفضّة وهي الأدنى فيبقى الذّهب على التّحريم‏.‏

غير أنّ محمّد بن الحسن من الحنفيّة وافق الجمهور وكذلك أبو يوسف في قولٍ‏.‏

اتّخاذ أصبعٍ قطعت من الذّهب

8 - صرّح فقهاء الشّافعيّة بأنّه لا يجوز لمن قطعت يده أو أصبعه أن يتّخذهما من ذهبٍ، وذكر النّوويّ والقاضي حسين وغيرهما أنّ في المذهب وجهاً بجوازه، وعلّة المنع هي أنّ أصبع الذّهب لا يعمل فيكون تركيبه لمجرّد الزّينة بخلاف السّنّ والأنملة‏.‏

اتّخاذ العلم للنّساء من ذهبٍ

9 - صرّح الحنفيّة بأنّه لا بأس بالعلم المنسوج بالذّهب للنّساء، فأمّا الرّجال فقدر أربع أصابع، وما فوقه يكره‏.‏

اتّخاذ المدهن والمسعط والمكحلة من الذّهب

10 - صرّح العلماء بتحريم كلّ ما يصلح تسميته آنيةً من الذّهب كالمدهن والمسعط والمكحلة والمجمرة ونحوها، لأنّ النّصوص وردت بتحريم الأكل والشّرب من أواني الذّهب والفضّة على الرّجال والنّساء، لما في ذلك من الخيلاء وكسر نفوس الفقراء، وقيس غير الأكل والشّرب من سائر الاستعمالات عليهما‏.‏

الإسراف في التّحلّي كاتّخاذ المرأة أكثر من خلخالٍ من الذّهب

11 - إذا اتّخذت امرأة خلاخل كثيرةٍ للمغايرة في اللّبس جاز، لأنّه يجوز لها اتّخاذ ما جرت عادتهنّ بلبسه من الذّهب، قلّ ذلك أو كثر، لإطلاق الأدلّة كقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏

«أحلّ الذّهب والحرير لإناث أمّتي وحرّم على ذكورها»‏.‏

وفي المذهب الشّافعيّ وجه بالمنع إذا كان فيه سرف ظاهر، والمذهب القطع بالجواز‏.‏

اتّخاذ المرأة نعلاً من الذّهب

12 - ذهب بعض الشّافعيّة كالرّافعيّ إلى إباحة النّعال الذّهبيّة للنّساء كسائر الملبوسات، وذهب آخرون منهم إلى تحريمها لما في لبسها من الإسراف الكبير، والإسراف منهيّ عنه في الشّريعة‏.‏

وأيضاً لم تجر عادة النّساء بالتّجمّل بالنّعال الذّهبيّة فلا يمكن اعتبارها حليّاً لهنّ لذلك‏.‏

وصرّح فقهاء الحنابلة أنّ المرأة إذا اتّخذت النّعال الذّهبيّة حرم ذلك ووجب فيها الزّكاة‏.‏

اتّخاذ اليد من الذّهب

13 - نصّ فقهاء الشّافعيّة على أنّه لا يجوز لمن قطعت يده أن يتّخذ يداً من ذهبٍ أو فضّةٍ ‏;‏ لكون اليد المتّخذة منهما لا تعمل فيكون لمجرّد الزّينة، ومذهب الجمهور جواز اتّخاذ أيّ عضوٍ من أعضاء الإنسان من الذّهب إذا دعت الضّرورة إلى ذلك‏.‏

وبناءً عليه فمن فقد أنملةً في أصبعٍ من أصابع يده أو أكثر، فإنّ له تعويضها بالذّهب قياساً على الأنف‏.‏ فقد «رخّص الرّسول صلى الله عليه وسلم لعرفجة بن أسعد أن يتّخذ أنفاً من ذهبٍ» فيقاس عليه سائر الأعضاء‏.‏

ونقل عن أبي حنيفة الجواز، كما نقل عنه عدم جواز الذّهب‏.‏

وقال الأذرعيّ من الشّافعيّة‏:‏ ‏"‏ يجب أن يقيّد جواز تعويض الأنملة بما إذا كان ما تحتها سليمًا دون ما إذا كان أشلّ، لأنّ الأنملة في هذه الحالة لا تستطيع العمل فيكون اتّخاذها من الذّهب لمجرّد الزّينة ‏"‏‏.‏

وقد ذكر النّوويّ أنّ في المذهب الشّافعيّ وجهًا بجواز اتّخاذ يدٍ من الذّهب للضّرورة، ذكره القاضي حسين وغيره‏.‏

اتّخاذ الأنف من ذهبٍ

14 - أجمع الفقهاء على أنّ من فقد أنفه لسببٍ من الأسباب فإنّه يجوز له اتّخاذ أنفٍ من ذهبٍ لورود النّصّ بذلك، فقد ثبت «أنّ عرفجة بن أسعد قطع أنفه يوم وقعة الكلاب، فاتّخذ أنفاً من ورقٍ فأنتن عليه، فأمره النّبيّ صلى الله عليه وسلم فاتّخذ أنفاً من ذهبٍ»‏.‏

اتّخاذ المرأة لحليّ الذّهب

15 - سبق في مصطلح ‏(‏حليّ‏)‏ إجماع الفقهاء على جواز اتّخاذ المرأة جميع أنواع الحليّ من الذّهب والفضّة‏.‏

لبس الصّبيّ الذّهب

16 - ذهب الحنفيّة والحنابلة وهو وجه عند الشّافعيّة إلى تحريم لبس الذّكور الذّهب سواء كانوا صغاراً أو كباراً إلاّ لضرورةٍ‏.‏

وذهب المالكيّة إلى جواز لبس الصّبيّ الذّهب مع الكراهة‏.‏

وذهب الشّافعيّة - في الأصحّ - إلى الجواز مطلقاً‏.‏

وفي وجهٍ يجوز قبل سنتين ويحرم بعدها وبه قطع البغويّ‏.‏

استعمال أواني الذّهب واتّخاذها

17 - اتّفق الفقهاء على عدم جواز الأكل والشّرب من آنية الذّهب والفضّة للرّجال والنّساء على حدٍّ سواءٍ، لحديث حذيفة‏:‏ «نهانا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذّهب والفضّة وأن نأكل فيها»‏.‏ ولقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «الّذي يشرب في إناء الفضّة إنّما يجرجر في بطنه نار جهنّم»‏.‏

وقاس الفقهاء غير الأكل والشّرب من سائر الاستعمالات عليهما لوجود علّة التّحريم وهي عين الذّهب والفضّة، وللخيلاء‏.‏

وذهب الجمهور أيضاً إلى عدم جواز اتّخاذ أواني الذّهب والفضّة وإن لم يستعملها، لأنّ اتّخاذها يجرّ إلى استعمالها كآلة اللّهو‏.‏

ومذهب الحنفيّة ومقابل الأصحّ عند الشّافعيّة لا يحرم الاتّخاذ دون استعمالٍ، لأنّ النّصّ إنّما ورد في تحريم الاستعمال، فيبقى الاتّخاذ على مقتضى الأصل في الإباحة‏.‏

استعمال المضبّب بالذّهب

18 - المضبّب بالذّهب فيه خلاف وتفصيل ينظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏آنيّة‏)‏‏.‏

التّحلّي بالذّهب حالة الإحداد

19 - أجمع العلماء على وجوب الإحداد على المرأة المسلمة في عدّة الوفاة من نكاحٍ صحيحٍ ولو من غير دخولٍ بالزّوجة‏.‏

والإحداد‏:‏ ترك الزّينة الدّاعية إلى إغراء الرّجال بالنّساء عادةً‏.‏

ولمّا كان لبس الحليّ من الزّينة المغرية عادةً فيمنع التّحلّي به في العدّة‏.‏

ونقل الرّويانيّ عن بعض الشّافعيّة جواز لبسها للحليّ ليلاً، ولكنّه يكره لغير حاجةٍ، فلو فعلته لإحراز المال مثلاً لم يكره‏.‏ وتفصيل ذلك في مصطلحات‏:‏ ‏(‏إحداد، وتحلية، وحليّ‏)‏‏.‏

تحلية الكعبة وأبواب المساجد وجدرها بالذّهب

20 - ذهب الشّافعيّة في الأصحّ والحنابلة إلى تحريم تحلية أبواب المساجد وجدرانها ومحاريبها بالذّهب، وتجب إزالته، إلاّ إذا استهلك الذّهب فلم يجتمع منه شيء لو أزيل، فلا تحرم استدامته، لأنّ ماليّته ذهبت فلا فائدة في إتلافه وإزالته‏.‏

ولمّا ولّي عمر بن عبد العزيز الخلافة أراد جمع ما في مسجد دمشق ممّا موّه به من الذّهب، فقيل‏:‏ إنّه لا يجمع منه شيء، فتركه‏.‏

أمّا الحنفيّة فقال صاحب الدّرّ‏:‏ ‏"‏ ولا بأس بنقشه خلا محرابه بجصٍّ وماء ذهبٍ من ماله لا من مال الوقف ‏"‏‏.‏

قال ابن عابدين‏:‏ في هذا التّعبير كما قال شمس الأئمّة‏:‏ إشارة إلى أنّه لا يؤجر، ويكفيه أن ينحو رأساً برأسٍ‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في النّهاية‏:‏ لأنّ لفظ ‏"‏ لا بأس ‏"‏ دليل على أنّ المستحبّ غيره، لأنّ البأس الشّدّة‏.‏ ولهذا نقل في الفتاوى الهنديّة عن المضمران أنّ الصّرف إلى الفقراء أفضل وعليه الفتوى‏.‏ ا هـ‏.‏

وقيل‏:‏ يكره، لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إنّ من أشراط السّاعة أن تزيّن المساجد» الحديث‏.‏ وقيل‏:‏ يستحبّ لما في ذلك من إكرام المساجد ورفع شأنها‏.‏

وهو وجه عند الشّافعيّة أيضاً‏.‏

وعند المالكيّة يكره ذلك لكونه قد يشغل المصلّي، فإن زيّن المسجد بالذّهب بطريقةٍ لا تشغل المصلّي جاز في ظاهر المذهب‏.‏

وقد صرّح علماء الشّافعيّة في أصحّ وجهين بتحريم تحلية الكعبة وسائر المساجد بالذّهب لما في ذلك من السّرف وكسر قلوب الفقراء، ولكونه لم يعمل به الرّسول صلى الله عليه وسلم ولا أحد من السّلف الصّالح‏.‏ والوجه الآخر للشّافعيّة الجواز‏.‏

تحلية المصحف بالذّهب

21 - تحلية الكتب بالذّهب لا يجوز في غير القرآن، صرّح بذلك المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وغيرهم لما في ذلك من تضييق النّقدين ولأنّ الكتب الأخرى لا يجب تعظيمها كالقرآن‏.‏

أمّا القرآن فقد اختلف الشّافعيّة في جواز تحليته بالذّهب على أربعة أوجهٍ أصحّها‏:‏ - كما قال الرّافعيّ - جوازه في المصاحف الّتي للنّساء دون الرّجال‏.‏

والوجه الثّاني‏:‏ جوازه مطلقاً تعظيماً للقرآن، وبه قال الحنفيّة، وإن كانوا يرون أنّ تركه أولى لأنّهم قالوا في هذه المسألة‏:‏ لا بأس بذلك‏.‏

وقد صرّح علماؤهم بأنّهم متى قالوا كلمة ‏"‏ لا بأس ‏"‏ فذلك دليل على أنّ المستحبّ غيره‏.‏ والوجه الثّالث عند الشّافعيّة تحريم تحلية القرآن بالذّهب مطلقًا‏.‏

والوجه الرّابع - عندهم - جواز تحلية نفس المصحف به دون غلافه المنفصل عنه‏.‏ وذهب المالكيّة في مشهور مذهبهم إلى جواز تحلية المصحف على أن تكون الحلية مقتصرةً على غلافه الخارجيّ، ولا يجوز أن يكتب بالذّهب، ولا أن يجعل على الأحزاب والأعشار وغير ذلك، لأنّه من زخرفة المصحف وذلك يلهي القارئ ويشغله عن تدبّر آياته ومعانيه، ولنفس السّبب كرهت الحنابلة تحلية المصحف بالذّهب‏.‏

زكاة الذّهب

22 - تجب الزّكاة في الذّهب بالإجماع، وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏زكاة‏)‏‏.‏

بيع الذّهب بالذّهب

23 - لا يجوز بيع الذّهب بالذّهب إلاّ سواءً بسواءٍ، يداً بيدٍ، لأنّ الذّهب من الأصناف السّتّة الّتي ورد النّهي عن التّفاضل في الصّنف الواحد منها، كما في حديث «عبادة قال‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذّهب بالذّهب، والفضّة بالفضّة، والبرّ بالبرّ، والشّعير بالشّعير، والتّمر بالتّمر، والملح بالملح، إلاّ سواءً بسواءٍ، عيناً بعينٍ فمن زاد أو ازداد فقد أربى»‏.‏ وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏بيع، وصرف‏)‏‏.‏

بيع الذّهب بالفضّة

24 - لم يختلف العلماء في جواز بيع الذّهب بالفضّة بالتّفاضل إذا كان يداً بيدٍ، للحديث السّابق‏.‏ وتفصيل ذلك في‏:‏ ‏(‏بيع، وصرف‏)‏‏.‏

بيع الذّهب جزافاً

25 - لا يجوز بيع الرّبويّ بجنسه ومنه الذّهب مجازفةً، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «مثلاً بمثلٍ سواءً بسواءٍ» الحديث‏.‏ وقد تقدّم الكلام على هذا في مصطلح‏:‏ ‏(‏بيع‏)‏‏.‏

الذّهب والفضّة في الأرض المبيعة

26 - من وجد ركازًا في مواتٍ، أو في ملكه بالإحياء فإنّه يملكه في الجملة‏.‏

أمّا من وجد ركازاً في ملكه المنتقل إليه ببيعٍ أو هبةٍ، فالجمهور على أنّه للمالك الأوّل، وذهب بعض الفقهاء إلى أنّه للمالك الأخير، وتفصيله في مصطلح‏:‏ ‏(‏ركاز‏)‏‏.‏

المعاملة بالمغشوش من الذّهب

27 - يكره للإمام والحاكم ضرب العملة بالذّهب المغشوش، للخبر الصّحيح عنه صلى الله عليه وسلم الّذي رواه أبو هريرة‏:‏ «من غشّنا فليس منّا» ولما فيه من إفساد النّقود والإضرار بذوي الحقوق وغلاء الأسعار وانقطاع الأجلاب وغير ذلك من المفاسد الّتي تؤدّي إلى أن يغشّ بها النّاس بعضهم لبعضٍ‏.‏ فلو قدر أن ضربها الإمام وكان معيارها معلوماً، صحّت المعاملة بها معيّنةً وفي الذّمّة، وكذلك الحال إذا لم يعلم عيارها وكانت رائجةً لأنّ المقصود رواجها‏.‏ وقالوا أيضاً‏:‏ ‏"‏ يكره لغير الإمام ضرب الدّراهم والدّنانير ولو خالصةً، لأنّه من شأن الإمام، فيكون في ضربه لغيره افتياتاً عليه، ولأنّه لا يؤمن فيه الغشّ ‏"‏‏.‏

قال الإمام أحمد‏:‏ ‏"‏ لا يصلح ضرب الدّراهم إلاّ في دار الضّرب وبإذن السّلطان، لأنّ النّاس إن رخّص لهم ركبوا العظائم ‏"‏‏.‏

ومن ملك دراهم مغشوشةً يكره له إمساكها بل يسبكها ويصفّيها، إلاّ إذا كانت دراهم البلد مغشوشةً فلا يكره إمساكها‏.‏

وقد نصّ الإمام أحمد رضي الله عنه على كراهة إمساك الدّراهم أو الدّنانير المغشوشة واتّفق أصحابه على ذلك، لأنّه يضربه ورثته إذا مات، ويضربه غيرهم في حال حياته كذلك، علّله الشّافعيّ وغيره‏.‏

إسلاف الذّهب في الذّهب

28 - لا يجوز إسلاف الذّهب في الذّهب، لأنّه من بيع الرّبويّ بالرّبويّ فلا يقبل التّأجيل‏.‏ وتفصيله في مصطلح‏:‏ ‏(‏سلم‏)‏‏.‏

القراض بالذّهب المغشوش

29 - لا خلاف بين الفقهاء في صحّة المضاربة على دنانير خالصةٍ‏.‏

وقال النّوويّ‏:‏ بإجماع الصّحابة‏.‏

واختلفوا في الدّنانير المغشوشة، والحليّ، والتّبر، هل تصحّ المضاربة بها أم لا ‏؟‏ فيجوز عند المالكيّة القراض بالذّهب المغشوش على الأصحّ، وذهب بعض المالكيّة إلى عدم جوازه مضروبًا كان أو غير مضروبٍ وهو مذهب الشّافعيّ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ إن كان الغشّ النّصف فأقلّ جاز، وإن كان أكثر من النّصف لم يجز المقارضة به‏.‏

وقال الباجيّ من المالكيّة‏:‏ إنّ هذا الخلاف فيما إذا لم يكن الذّهب المغشوش سكّةً يتعامل بها النّاس، فإن كانت كذلك فإنّه يجوز القراض بها، لأنّها قد صارت عيناً وصارت من أصول الأموال وقيم المتلفات، لذلك تتعلّق الزّكاة بأعيانها، ولو كانت عروضاً لم تتعلّق الزّكاة بأعيانها‏.‏ وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏قراض‏)‏‏.‏

استئجار ما احتيج إليه من الذّهب

30 - صرّح الحنابلة بأنّه يصحّ استئجار دنانير الذّهب مدّةً معلومةً للتّحلّي والوزن، وكذلك كلّ ما احتيج إليه كأنفٍ من ذهبٍ، لأنّه نفع مباح يستوفى مع بقاء العين، وكلّ ما كان كذلك جاز استئجاره بلا خلافٍ‏.‏

ومنع الشّافعيّة استئجار الدّنانير للتّزيين، ونصّوا على جواز استئجار الحليّ‏.‏

الأجرة على صنع أواني الذّهب

31 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ من صنع إناء ذهبٍ لغيره فإنّه لا يستحقّ الأجرة، إذ لا يجوز استعمال إناء الذّهب بالإجماع‏.‏

إعارة آنيّة الذّهب

32 - لا تصحّ إعارة آنيّة الذّهب ‏;‏ لما في إعارتها من الإعانة على الإثم، لأنّ استعمال آنيّة الذّهب محرّم بالإجماع‏.‏ ومن المقرّر عند الفقهاء أنّ الإعارة لا تجوز إلاّ في عينٍ ينتفع بها منفعةً مباحةً مع بقائها على الدّوام‏.‏ وينظر مصطلح‏:‏ ‏(‏إعارة‏)‏‏.‏

إعارة حليّ الذّهب للنّساء

33 - يجوز إعارة حليّ الذّهب للنّساء بدون خلافٍ، لأنّ التّحلّي بالذّهب مباح في حقّهنّ، وكلّ عينٍ ينتفع بها منفعةً مباحةً يجوز إعارتها‏.‏ وينظر مصطلح‏:‏ ‏(‏إعارة‏)‏‏.‏

إتلاف آنيّة الذّهب

34 - ضمان المتلف من آنيّة الذّهب مبنيّ على القول بجواز اقتنائها وعدمه‏.‏

فمن ذهب إلى جواز الاقتناء قال بالضّمان، ومن ذهب إلى حرمة اقتنائها قال بعدم ضمان الصّنعة، ويضمن ما يتلفه من العين‏.‏

وقد سبق الكلام على هذه المسألة في مصطلحي‏:‏ ‏(‏آنيّة، وإتلاف‏)‏‏.‏

إحياء معادن الذّهب وإقطاعها

35 - الذّهب من المعادن الباطنة وهي الّتي لا تخرج إلاّ بعملٍ ومؤنةٍ، فهي ملك لمن استخرجها عند الحنفيّة والشّافعيّة وهو احتمال عند الحنابلة‏.‏

وعند المالكيّة أنّ الذّهب كالمعادن الظّاهرة أمرها إلى الإمام‏.‏

وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏إحياء‏)‏‏.‏

الذّبح بالذّهب

36 - لا يجوز الذّبح بسكّينٍ من الذّهب كغيره من الاستعمالات، ومع ذلك فلو ذبح بها حلّت الذّبيحة بشروط التّذكية‏.‏

مقدار الدّية من الذّهب

37 - اختلف هل الأصل في تقدير الدّية الإبل، أو الذّهب، أو الفضّة‏.‏

وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏دية‏)‏‏.‏

سرقة الذّهب

38 - ذهب جمهور الفقهاء ‏"‏ المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ‏"‏ إلى أنّه يشترط لوجوب قطع يد سارق الذّهب أن يبلغ المسروق منه ربع دينارٍ وزناً وقيمةً معاً، لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «تقطع اليد في ربع دينارٍ فصاعداً»‏.‏

وذهب الحنفيّة إلى أنّه لا قطع في أقلّ من دينارٍ من الذّهب‏.‏

ويعتبر في غير الذّهب بلوغ قيمته ربع دينارٍ فصاعداً على رأي الجمهور‏.‏

وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏سرقة‏)‏‏.‏

ذو الحجّة

انظر‏:‏ الأشهر الحرم‏.‏

ذو الحليفة

التّعريف

1 - الحليفة‏:‏ بالحاء المهملة المضمومة، تصغير الحَلْفاء بفتح الحاء وسكون اللام‏.‏ والحلفاء‏:‏ نبت معروف‏.‏ وقيل‏:‏ قصب لم يدرك‏.‏

وذو الحليفة‏:‏ ماء من مياه بني جشم، ثمّ سمّي به الموضع، وهو ميقات أهل المدينة، بينه وبين المدينة ستّة أميالٍ، وبينه وبين مكّة مائتا ميلٍ إلاّ ميلين‏.‏

«وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى مكّة يصلّي في مسجد الشّجرة، وإذا رجع صلّى بذي الحليفة ببطن الوادي وبات حتّى يصبح»‏.‏

وفي البخاريّ عن ابن عمر «أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رئي وهو في معرّسٍ بذي الحليفة، قيل له‏:‏ إنّك ببطحاء مباركةٍ»‏.‏

قال الحافظ ابن حجرٍ‏:‏ ‏"‏ وبها مسجد يعرف بمسجد الشّجرة، خراب، وبها بئر يقال لها‏:‏ بئر عليٍّ ‏"‏‏.‏

أمّا الآن فالمكان والمسجد عامران، وفيها مرافق للمسافرين والحجّاج‏.‏

ويعرف ذو الحليفة الآن باسم‏"‏ آبار عليٍّ ‏"‏وكأنّه نسبة إلى البئر المنسوب إليه رضي الله عنه‏.‏

وذو الحليفة من مواقيت الإحرام بالحجّ والعمرة، وهي ميقات الإحرام لأهل المدينة وتثبت له أحكام المواقيت‏.‏ ‏(‏انظر‏:‏ ميقات، وإحرام‏)‏

ذو الرّحم

انظر‏:‏ أرحام‏.‏

ذو غفلةٍ

انظر‏:‏ غفلة‏.‏

ذو القربى

انظر‏:‏ قرابة‏.‏

ذو القعدة

انظر‏:‏ الأشهر الحرم‏.‏

ذود

التّعريف

1 - الذّود في اللّغة‏:‏ القطيع من الإبل ما بين الثّلاث إلى العشر، وهي مؤنّثة لا واحد لها من لفظها، وجمعه أذواد‏.‏

وفي المغرب‏:‏ الذّود من الإبل من الثّلاث إلى العشر، وقيل‏:‏ من الثّنتين إلى التّسع من الإناث دون الذّكور‏.‏ وأمّا الذّود عند الفقهاء فهو الثّلاث إلى العشر من الإبل‏.‏

الأحكام المتعلّقة بالذّود

2 - يذكر الفقهاء الأحكام الخاصّة بمصطلح‏:‏ ‏(‏ذود‏)‏ في زكاة الإبل من كتاب الزّكاة‏.‏ وخلاصة ما قالوه في ذلك‏:‏ أنّ زكاة الذّود واجبة كغيرها من النّعم عند وجود النّصاب مع باقي شروط الزّكاة وأقلّ نصابٍ تجب فيه الزّكاة في الذّود من الإبل خمس، فلا زكاة فيما دونها، لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من لم يكن معه إلاّ أربع من الإبل فليس فيها صدقة» وقال‏:‏ «ليس فيما دون خمس ذودٍ من الإبل صدقة»‏.‏

والواجب الّذي يجب إخراجه عن الخمس من الإبل شاة، لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إذا بلغت خمسًا من الإبل ففيها شاة»‏.‏ فإذا بلغت الذّود عشراً ففيها شاتان‏.‏

وفي إخراج الذّكر من الغنم عن الذّود أي إناث الإبل، أو إخراج البعير عمّا وجبت فيه الشّاة الواحدة أو الشّاتان خلاف، وفي إخراج قيمة الشّاة أيضاً خلاف‏.‏

والتّفصيل محلّه زكاة الإبل في مصطلح‏:‏ ‏(‏زكاة‏)‏‏.‏

ذوق

التّعريف

1 - الذّوق‏:‏ إدراك طعم الشّيء بواسطة الرّطوبة المنبثّة بالعصب المفروش على عضل اللّسان‏.‏ وهو أحد الحواسّ الخمس‏.‏

الأحكام المتعلّقة بالذّوق

أ - ذوق الصّائم الطّعام‏:‏

2 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ الصّوم لا يبطل بذوق الصّائم طعاماً أو شراباً إن لم يصل إلى الجوف‏.‏ ولكن الأفضل تجنّبه‏.‏

ب - الجناية على الذّوق‏:‏

3 - لا خلاف بين الفقهاء في وجوب ديةٍ كاملةٍ، في إذهاب الذّوق بالجناية، لأنّه من الحواسّ الخمس فأشبه الشّمّ‏.‏ واختلفوا في وجوب القصاص فيه في جناية العمد‏.‏

فذهب المالكيّة، والشّافعيّة - في الأصحّ عندهم - إلى وجوب القصاص في ذهاب الذّوق بجناية العمد، وقالوا‏:‏ لأنّ له محلّاً مضبوطاً، ولأهل الخبرة طرقاً في إبطاله‏.‏

وقال الحنفيّة والحنابلة‏:‏ لا يجب القصاص في شيءٍ من المعاني، إلاّ البصر، وهو قول عند الشّافعيّة، لأنّ إتلافها إنّما يكون بالجناية على محلّها، وهو غير معلوم المقدار فلا تمكن المساواة فيه، فلا يجب القصاص‏.‏ وتفصيل ذلك في‏:‏ ‏(‏دية، جناية على ما دون النّفس‏)‏‏.‏

ج - اليمين على الذّوق‏:‏

4 - إذا حلف أنّه لا يذوق طعاماً أو شراباً، فأكل أو شرب فإنّه يحنث، أمّا إذا حلف أنّه لا يأكل أو لا يشرب فذاق طعاماً أو شراباً فلا يحنث، لأنّ كلّ أكلٍ أو شربٍ ذوق، ولا عكس‏.‏ والتّفصيل في باب اليمين‏.‏

ذيل

انظر‏:‏ ألبسة واختيال‏.‏